</A> |
واشنطن (ا ف ب) - وضعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر العام 2007، تقريرا سريا تم تسريبه الاثنين يفيد عن تعرض بعض المعتقلين في اطار "الحرب على الارهاب" "للتعذيب" وقد استندت اليه مجموعات مدافعة عن حقوق الانسان لتجديد مطالبتها بمحاكمة مسؤولين في ادارة الرئيس السابق جورج بوش على سلوكهم.
ولم يتجاوب الرئيس باراك اوباما حتى الان مع دعوات بعض الديموقراطيين وناشطين من اجل الحريات المدنية الى ملاحقة مسؤولين في الادارة السابقة بتهمة ممارسة التعذيب، مشيرا الى انه يفضل "المضي قدما".
غير ان ادارته ستتعرض لضغوط جديدة لحضها على التحرك بعد تسريب الوثيقة الداخلية التي تصف فيها اللجنة الدولية للصليب الاحمر بشكل مفصل السوء المعاملة التي تعرض عدد من المعتقلين، وقد حصلت وكالة فرانس برس على نسخة عنها.
وقالت ساره مندلسون مديرة مبادرة حقوق الانسان والامن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "كلما كشفت تقارير من هذا النوع، ازداد الضغط على الحكومة لحثها على التحرك". وهو التقرير الاكثر تفصيلا حتى الان حول معاملة المعتقلين في عهد جورج بوش ويصف خصوصا تعرض 14 معتقلا يشتبه بانهم عناصر في القاعدة للضرب والحرمان من النوم ولدرجات حرارة قصوى ولعمليات ايهام بالغرق.
وجاء في تقرير الصليب الاحمر ان التجاوزات التي تحدث عنها المعتقلون ومنها صدمهم بالجدران وحرمانهم من النوم ومن الطعام المغذي لايام، "تشكل (عمليات) تعذيب". وتابع ان وسائل استجواب اخرى "تشكل معاملة وحشية او غير انسانية او مهينة".
وحضت الرابطة الاميركية للحقوق المدنية ومركز الحقوق الدستورية على اجراء تحقيق متشدد مع المسؤولين الذين يعتقد انهم اجازوا استخدام التعذيب، واشارت المنظمتان الى معلومات كشفت في وثائق قضائية ومصادر اخرى.
وقال جميل جعفر مدير برنامج الامن القومي في الرابطة الاميركية لحقوق الانسان متحدثا لوكالة فرانس برس "اعتقد ان ثمة ادلة كافية لاصدار امر باجراء تحقيق اكثر جدية مما تم حتى الان". واضاف "ثمة بالتأكيد ايضا ادلة كافية لطلب تعيين مدع عام مستقل للتدقيق في المسؤولية الجنائية عن تعذيب معتقلين في عهدة وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه)".
ولم ينقض مسؤولون في الصليب الاحمر صحة التقرير، غير ان متحدثا في المقر العام للصليب الاحمر في جنيف ابدى اسفه لتسريب الوثيقة. وامتنع الصليب الاحمر عن التعليق. وما زاد من وطأة التقرير انه صادر عن منظمة انسانية تلزم الحياد فتحرص على تجنب الادلاء باي تعليق وتعمل على مساعدة المعتقلين او النازحين بسبب الحروب.
واعدت خمس نسخ عن التقرير على الاقل وزعت على السي اي ايه ومسؤولين كبار في البيت الابيض عام 2007، غير انه لم ينشر مضمونه حفاظا على سياسة الحياد التي يتبعها الصليب الاحمر. واعتبر ناشطون من اجل حقوق الانسان ان مسؤولين في الادارة الحالية قد يكونون سربوا الوثيقة على خلفية السجال الداخلي حول سياسات الاعتقال.
ولفتت مندلسون الى ان الولايات المتحدة قد تلزم قانونيا بفتح تحقيق مع مسؤولين سابقين بصفتها موقعة على معاهدة الامم المتحدة لحظر التعذيب. وقالت "اعتقد انهم ملزمون بفتح تحقيق ما حول مزاعم تعذيب عملا باتفاقية حظر التعذيب". واضافت "لا حاجة ليكون التحقيق علنيا لكن عليهم اجراءه".
ودعا بعض الديموقراطيين في الكونغرس الى تشكيل "لجنة حقيقة" للنظر في المزاعم حول تعرض بعض المعتقلين للتعذيب في عهد الادارة السابقة في اطار "الحرب على الارهاب"، بما في ذلك عمليات استجواب قامت بها السي اي ايه في مواقع سرية وعمليات التنصت على الاتصالات بدون اذن قضائي.
وقابل اوباما بفتور الدعوات الى تشكيل لجان حقيقة لكنه لم يستبعد اجراء تحقيقات، مؤكدا ان لا احد فوق القانون. وقال الرئيس الشهر الماضي "اميل بصورة عامة الى القول +دعونا نمضي قدما+".
واصدرت الدوائر الحكومية منذ تولي اوباما السلطة وثائق كشفت تفاصيل عن سياسات الادارة السابقة المثيرة للجدل، مثل نقل معتقلين الى بلدان اخرى لاستجوابهم سرا.
وفي المقابل ندد الجمهوريون في الكونغرس بالدعوات الى تشكيل لجان حقيقة معتبرين انها اقرب الى حملة مطاردات. غير ان بعض منتقدي ادارة بوش يذهبون الى حد القول ان تشكيل لجنة حقيقة تتولى اجراء تحقيق لن يكون كافيا.
وقال مايكل راتنر رئيس مركز الحقوق الدستورية في مقابلة اذاعية اجريت معه في وقت سابق هذا الشهر ان "الامر لا يتعلق بارتكاب اخطاء، بل بخرق جوهري للقوانين وتجاهل القانون وانتهاك المعاهدات".