ماذا تركنا لهم وماذا علّمناهم ؟!
تغيّب معلم الصف السابع عن المدرسة وكنت ضمن تطوعي للعمل في المدرسة
يُطلب مني الدخول الى تلك الصفوف لمليء فراغ الحصص بما يجود عليه فكري ..
وهذا اليوم وقفت أمام هذا الجيل من الشباب والشابات في عمر المراهقة ..
عمر الزهور التي بدأت بالتفتح والنضوج
تساءلت بيني وبين نفسي هل النضوج هو جسدي وذهني في نمو متوازي ؟
وخطرت لي فكرة بسيطة للتواصل معهم خلال خمسة عشر دقيقة ..
طلبت منهم أن يفتحوا ورقة بيضاء ويختاروا موضوع يشغل بالهم أو يشغل المجتمع
في الوقت الحالي ويكتبوا عنه بأسلوبهم الخاص ما لا يتعدى العشرون سطرا، ثم يقلبوا الورقة ويكتبوا على الوجه الآخر أمنية واحدة خاصة بهم وأمنية واحدة عامة.
فتحت كتابي وبدأت القراءة كي أعطيهم مساحة كافية من الحرية .. وفجأ قال لي أحدهم .. لا أعرف ماذا أكتب .. قلت له اذا لا تكتب ولكن دع غيرك يستغل وقته وانت افعل ما تشاء خلال هذه الربع ساعة ... تعجب مني وقال أريد أن أذهب الى الحمام .. أشرت بيدي له بأن يفعل ... وخرج ..
انتهت الربع ساعة وجلست على طرف الطاولة في الصف ... وبدأنا بسماع طالب تلو الآخر يقرأ الوجه الأول من الصفحة .. بعضهم تفاجأ من سخرية زملاءه لما يفكر به ولكنه لم يتوقف عن القراءة .. بل أراد أن ينهي النص حتى تصل الفكرة .. وتناقشنا لنسمع الآراء .. وكان الجو مرحا جدا .. تبادلنا المزاح بشأن ما يشغل بال البعض .. وأخذتنا بعض الدموع الى التفاعل مع البعض الذي يشغل باله مخاوف قد رآها الزملاء بأنها أكبر من عمرهم للتفكير بها .. وسخافة وسطحية البعض الآخر أخذتنا الى أن نطلب منهم الصمت وعدم المتابعة ... وجلسوا وهم يضحكون بسذاجة وتفاهة واضحة ..
وقبل أن تنتهي هذه الحصة بدقائق .. عاد زميلهم .. طلبت منهم أن يجمعوا الأوراق ويتركوها على طاولتي ... وأغلقت الباب ممسكة بيد ذاك الشاب الذي اختار الهروب من الحصة .. هو مثال واضح لشاب قد تحمل حياته العديد من الهموم والمشاكل التي تعود الهروب منها وعدم مواجهتها أو الافصاح عنها ... ظنا منه أنها الطريقة المثلى للتميز والتمرد .. ولكن هو ضعف في الشخصية وضعف بمهارات التواصل ...
وهنا أتوقف لأسأل ... ماذا علّمنا هذا الجيل ؟؟ وخلال تربيتنا له ماذا تركنا من أنفسنا ومن ذواتنا ومن خبراتنا .. هل نحن قدوة يحتذى بها أم نحن نبني جيلا لن يعرف يكفي يبني ما تركناه ؟!
ماذا سيكون الرد؟ أين تقف مسؤوليتنا ... وكيف نستطيع التغيير ؟؟