الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد ,
إخواني في الله هذه بعض المواقف التي بكى فيها النبي وأبكى من حوله من أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين .
وكان لكثره بكائه شيء يعلمه ولا نعلمه .
عن عائشة أن رسول الله قال يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا .
رواه البخاري .
صفة بكاء النبي .
عن عبد الله بن الشخير قال أتيت النبي وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل يعني يبكي
رواه النسائي بسند صحيح .
الشرح : أي صوت ( كأزيز المرجل ) أي القدر إذا على .
( أزيز المرجل) صوت غليانه ، وقيل : المرجل القدر من حديد .
بكائه في مرض سعد بن عبادة .
عن عبد الله بن عمر ، قال اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود - - فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال قد قضى قالوا لا يا رسول الله فبكى النبي فلما رأى القوم بكاء النبي بكوا فقال ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .
رواه البخاري .
قال ابن حجر رحمه الله :
المراد بالغاشية الغشية من الكرب ، والغاشية هي الداهية من شر أو من مرض أو من مكروه ، والمراد ما يتغشاه من كرب الوجع الذي هو فيه لا الموت .
بكائه على ابنه إبراهيم عليه السلام .
عن أنس بن مالك ، ، قال دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين - ، وكان ظئرا لإبراهيم - عليه السلام - فأخذ رسول الله إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف ، ، وأنت يا رسول الله ؟ فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون
رواه البخاري .
أبو سيف القين هذا هو زوج مرضعه إبراهيم ابن النبي .
والقين أي الحداد أوالصانع .
وكان ظئرا لإبراهيم : أي مرضعا ، وأطلق عليه ذلك لأنه كان زوج المرضعة .
عينا رسول الله تذرفان : أي يجري دمعهما .
انظر فتح الباري .
بكائه عند سماعه سورة النساء .
عن عمرو بن مرة قال قال لي النبي اقرأ علي , قلت آقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال أمسك فإذا عيناه تذرفان .
رواه البخاري .
بكائه لخبر مؤته .
عن أنس بن مالك قال قال النبي أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب وإن عيني رسول الله لتذرفان ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له .
رواه البخاري .
بكائه رحمة بأمته .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي تلا قول الله عز وجل في إبراهيم رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني الآية وقال عيسى عليه السلام إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال اللهم أمتي أمتي وبكى فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك
رواه مسلم .
بكائه يوم بدر وهو يصلي ويبكي
عن علي قال ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح
رواه أحمد بسند صحيح .
بكائه عند دفن إبنته أم كلثوم .
عن أنس بن مالك قال شهدنا بنتا لرسول الله قال ورسول الله جالس على القبر قال فرأيت عينيه تدمعان قال فقال هل منكم رجل لم يقارف الليلة فقال أبو طلحة أنا قال فانزل قال فنزل في قبرها.
رواه البخاري .
معنى " لم يقارف " قال الإمام ابن حجر رحمه الله : وقيل معناه لم يجامع تلك الليلة وبه جزم ابن حزم .
بكائه لموت ابن إبنته زينب .
عن أسامة بن زيد قال كان ابن لبعض بنات النبي يقضي فأرسلت إليه أن يأتيها فأرسل إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه فأقسمت عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وعبادة بن الصامت فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي ونفسه تقلقل في صدره حسبته قال كأنها شنة فبكى رسول فقال سعد بن عبادة أتبكي ؟ فقال إنما يرحم الله من عباده الرحماء
رواه البخاري .....
ونفسه تقلقل : أي تضطرب وتتحرك .
كأنها شنة : أي كأنها قربة قديمة .
قال ابن حجر رحمه الله : " ونفسه تقعقع كأنها في شن " والقعقعة حكاية صوت الشيء اليابس إذا حرك . وعلى الرواية الثانية شبه البدن بالجلد اليابس الخلق وحركة الروح فيه بما يطرح في الجلد من حصاة ونحوها .
والحمد لله رب العالمين